الحب فنار و مرسى

موضوع: الحب فنار و مرسى الأحد 29 يوليو 2007, 3:22 am

ما
أسعى إليه هنا، ليس فلسفة الحب ، لكن محاولة للبحث عن قوانينه، دون
استبعاد انفعالاته وعواطفه، ودور المحب في التساؤل عن حقيقة مشاعره .
إن
الذي يحب عادة ، يفقد الرؤية ، ومن هنا التعبير ’’الحب أعمى‘‘ ، وقد أضاف
عليه أحد الظرفاء فقال : ’’الحب أعمى ، لكن الزواج يعيد له النظر‘‘ !!
وقدر
ما يجد البعض هذا القول فكاهياً ، أنظر إليه باعتباره حقيقة نفسية دقيقة ،
حين يشكل الحب في بداياته أرقاً للوصول إلى الحبيب ، وتوقاً لسماع همسه ،
والتأكد من أن الابتسامة التي أضاءت وجهه كانت له ، وليست عادية يقدّمها
لكل عابر سبيل .

إن الحب في بداياته وقبل التأكد من امتلاكه،
يدفع بالمحب أحياناً إلى الجنون، يدفعه إلى أن يتصرف بحمق، وكله أمل في أن
تتوافق مشاعره مع مشاعر الآخر ، عسى أن يتوقف عن العيش في أرق الحب ،
وينتقل إلى الاستمتاع بلذته .
وبعد حدوث الإمتلاك المطلق (أي الزواج)
يتوقف هذا السعي المحموم للإعجاب ، فيهمل كل منهما نفسه،وتطفو العيوب ،
ويبدو وكأنهما يشاهدان ذات الآخر للمرة الأولى ، فأين كان النظر حينها ؟!
نصيحة
سقراط التي تخطّت عصره، وستتخطى العصور كافة تقول : ’’إعرف نفسك‘‘ ،
انطلاقاً من أن الفضائل والمعرفة كامنة في ذات الإنسان – أي إنسان – وما
عليه إلا أن يحاول إماطة اللثام عنها .
هذه المحاولة لفهم الذات ، لا
يتم السعي لها بشكل جدّي ، بل يسعى البعض إلى تسفيهها ، ومحاولة بناء ذات
منفصلة يمكن تسويقها بما يدعى (السيرة الشخصية) التي يعتبرها البعض ملخصاً
لذواتهم ، وكأنهم يقولون يمكن أن نُختَصر إلى رقم وعمر وشهادة !

إن
الفرد كينونة متفردة بحد ذاته ، وكل إنسان هو ذات أصيلة وجديدة ، ومحاولة
الاقتراب من هذا التجدد يعني السعي نحو مغامرة العلاقات الإنسانية .
ولا
يمكن جني رحيق العلاقة الإنسانية ، ولا فهم طبيعة الكينونة الحقّة ، كما
لا يمكن فهم الوعي الكوني ككل ، إن لم يقم الفرد بهذه المغامرة الرائعة ،
ومحاولة فهم ذاته .
ليس الحب سوى دافع نحو نضج الذات ، ونضج
انفعالاتها ، فمن خلال الآخر ، تبرز ملكاتنا أو تندثر ، تبعاً لما يثيره
هذا الآخر ويحفّزه فينا .
لكن ، وبمعزل عنه ، على الفرد أن يشعر
بقوته الحقيقية ، عليه أن يسعى نحو فهم حقيقة دوافعه ، وأهدافه ، ومبادئه
، وثوابته ، ومن دون هذا ، سيبقى قاصراً في الحب .
الحب فنار و مرسى T_1fc3665a-6c07-4e90-bb81-88c62c2f150b

الحب فنار و مرسى T_1fc3665a-6c07-4e90-bb81-88c62c2f150b

إن
الانطلاق في مغامرة معرفة الآخر ، يتطلب من الفرد أن يعرف القليل عن ذاته
(على الأقل) ، إذ الانتماء للآخر ، والتواصل معه ، وتبادل العشق ، لا يمكن
أن يستمر ، إذا لم يتم التسلح بهذه المعرفة ، إذ بعد فترة سيشعران بأنهما
نضجا كل في طريقه وعلى طريقته ، كل منهما كبر بعيداً عن الآخر ، والبقاء
سوية – في هذه الحالة – لن يثير سوى المشاكل ، لهما ، لعائلتيهما ، والأهم
لأطفالهما (إن أنجبا) .
ليس الحب مرحلة تتوقف، بل هو كالنبيذ، كلما تعتق كلما طاب مذاقه، وصفا مشربه، فيثير نقاء ولذة، تدغدغ الأحلام..

على
كل فرد منا أن يسعى إلى معرفة ذاته أولاً، ومن ثم معرفة الآخر (حبيباً،
صديقاً، جاراً، قريباً، أو مختلفاً، ...) . والبدء بهذه المعرفة سيسمح
للعلاقات أن تكون أنقى وأطهر، وأكثر حكمة واتزاناً.
لا أدّعي معرفة ،
لكنني أدّعي أنني انطلقت في المغامرة ، مغامرة المعرفة ، معرفة الذات
أولاً، ومن ثم الآخر ، وبعدها العالم ، ولي موعد قريب مع المرسى ، عساني
في انطلاقتي القادمة ، لا أبقى وحيداً

الف شكر لك اخي علي الموضوع الرائع الجميل

وبارك الله فيك

موضوع رائع
ومبارك عليكم شهر رمضان
يا احلى اعضاء
فى اجمل منتدى