وائل أبوالسعود
الراقصة 'نوال'.. أشهر من نار علي علم في محافظة الشرقية!
قبل ثلاث سنوات بزغ نجمها وأصبحت قاسما مشتركا في كل الأفراح والليالي الملاح في كل قري ومدن المحافظة.
جمعت 'نوال' ثروة طائلة قبل أن تكمل عامها الحادي والعشرين.. ولأنها أصبحت تمتلك المال والجمال فقد ظل معظم الرجال يطاردونها.. البعض يطلب رضاها والبعض الآخر يسعي لاقتناص قلبها ومن بعده مالها الوفير.
ورغم حرص 'نوال' الشديد علي ألا تسلم قلبها بسهولة لأي انسان إلا أن سهم الحب أصابها ذات ليلة عندما كانت تحيي فرحا في مدينة أبوحماد عندما التقت عيناها بعيني نقاش يدعي 'ياسين'!
* * *
كان 'ياسين' في الثامنة والثلاثين من عمره.. لم يسبق له الزواج.. وكان يمتلك مالا وفيرا يكسبه من عمله.. وكما يقولون: نظرة فابتسامة فموعد فلقاء.. سقطت 'نوال' في غرام 'ياسين' وتزوجا بعد اسبوع واحد من أول لقاء بينهما.
عاشت 'نوال' مع 'ياسين' عاما واحدا من السعادة وبعدها انقلبت الأحوال رأسا علي عقب.
عرف 'ياسين' طريق الادمان من خلال صديقيه 'خالد' و'جمال' اللذين يعملان معه في مهنة النقاشة.. ويوما وراء الآخر تسربت الأموال التي جمعها 'ياسين' طوال حياته وطارت مع دخان السجائر المحشوة التي يدخنها مع صديقيه.
وحتي لا يدخل النكد الي حياة 'نوال'.. طلب منها زوجها أن تجتهد أكثر وأكثر في عملها حتي تجمع له ولصديقيه المال اللازم لشراء تذاكر الهيرويين التي أصبح 'ياسين' لا يستطيع الاستغناء عنها.
* * *
في البداية حاولت 'نوال' أن ترفض هذا الأسلوب ولكن 'ياسين' لقنها علقة ساخنة لم تستطع بعدها إلا أن تحضر له المال بل وتذاكر الهيرويين بنفسها حتي لا يكون جزاؤها الضرب والاهانة.
واستمر الحال بين الزوجين علي هذا المنوال.. 'نوال' ترقص طوال الليل حتي تجمع المال وتسلمه لزوجها العاطل الذي أهمل عمله ومهنته ليقوم 'ياسين' بتعاطي المخدرات مع صديقيه وفي الصباح يطالب زوجته بالمزيد من الأموال 'ليضبط مزاجه'!
* * *ومرت الشهور.
وانحسرت الأضواء عن الراقصة الشهيرة 'نوال'.. لم يعد الناس يطلبونها لاحياء أفراحهم ولا حتي المشاركة في الموالد التي تقام في القري!
وبدأ المال يهرب من الراقصة بعد أن هرب جمالها أيضا بسبب حسرتها والنكد الذي تعيش فيه ليل نهار في حياتها الزوجية.
ذات ليلة.. عادت 'نوال' مكسورة ذليلة بعد أن تم طردها من أحد الأفراح.. عادت الي البيت باكية بعد أن تأكدت أن كلمة النهاية نزلت علي شاشة حياتها الفنية.
واستقبلها 'ياسين' الجالس مع صديقيه 'خالد' و'جمال' بجملة معتادة:
فين الفلوس يا وليه؟!
ولم تنطق 'نوال'.. استمرت في بكائها ونحيبها وعندما كرر زوجها عليها نفس السؤال انفجرت فيه قائلة:
خلاص.. من يوم ورايح مافيش فلوس!
وكانت هذه هي آخر جملة نطقت بها 'نوال'!
* * *
فوجيء الصديقان 'خالد' و'جمال' بالزوج 'ياسين' ينهض من جلسته ويلتقط شومة ويهوي بها علي رأس زوجته 'نوال' لتسقط الراقصة الشابة علي الأرض بلا حراك!
في لحظة رعب.. اعتقد الأصدقاء الثلاثة أن 'نوال' قد لفظت أنفاسها الأخيرة بسبب ضربة الشومة.. وبسرعة راحوا يفكرون في حل للخروج من هذا المأزق.
اقترح 'خالد' أن يتخلصوا من الجثة في أي مكان بعيد.. ولكن 'جمال' طلب من صديقيه ضرورة التأكد من موتها فقام بتكبيل 'نوال' التي لم تكن فارقت الحياة بعد بسلك كهربائي وقام الزوج 'ياسين' بتوصيله الي التيار ليتم صعق الراقصة في الحال.
بعد أن تأكد الجناة من وفاة الضحية قام 'خالد' و'جمال' والزوج 'ياسين' بتقطيع جثة 'نوال' الي أربعة أجزاء حتي يسهل وضعها في أكياس بلاستيك والقاء كل جزء في مكان متفرق.
ونفذ الجناة خطتهم.. ثم عادوا الي منزل 'ياسين' أو مسرح الجريمة وكأن شيئا لم يحدث.
* * *
صباح اليوم التالي.. عثر أحد عمال جمع القمامة بمدينة أبوحماد التابعة لمحافظة الشرقية علي كيس بلاستيك به أحد الأجزاء الأربعة من جثة الراقصة القتيلة.
وعلي الفور أسرع بابلاغ مديرية الأمن.. ليبدأ رجال المباحث رحلة جمع أجزاء الجثة والتعرف عليها والبحث عن مرتكبي الحادث.
تحريات رجال الشرطة لم تستغرق وقتا طويلا حتي تم التعرف علي صاحبة الجثة ومن وراء قتلها.. ولكن عندما بدأ رجال الشرطة بحثهم عن الزوج أول من أشارت اليه أصابع الاتهام.. اكتشفوا هروبه واختفاءه تماما.. فتم توجيه البحث الي صديقيه المقربين واللذين دلت التحريات عن وجود أحدهما 'خالد' في مدينة العاشر من رمضان.
بعد ساعات تم القاء القبض علي 'خالد' الذي انهار مع أول سؤال واعترف بارتكاب الجريمة وأرشد عن زميليه ومكانهما لينجح رجال الشرطة في القاء القبض عليهما وتقديمهما للنيابة حيث قرر أيمن خالد أبوسحل مدير النيابة بعد اعتراف الجناة باحالتهم الي محكمة الجنايات.
* * *
في المحكمة وأمام العدالة حاول الجناة الهروب من حبل المشنقة بادعائهم أن اعترافاتهم أمام الشرطة والنيابة كاذبة وتمت تحت التهديد.. ولكن هيئة المحكمة برئاسة المستشار حسن أبوالوفا وعضوية المستشارين محمد أنور أبوسحلي ورأفت محمود زكي وبسكرتارية خالد اسماعيل لم تقتنع بهذا الادعاء وقررت احالة أوراق الثلاثة الي فضيلة المفتي والذي قام هذا الاسبوع بالموافقة علي اعدام الثلاثة شنقا.