راعي الغنم واصحاب الشعارات

اننا كبشر فجميعنا نحب الخير
ولكننا لا نعرفه
فالخير يختلف بمنظور كل انسان
ولا يمكن للخير ان يكون له صورة واحدة الا عند النظر اليه من اعلى
وليس المقصود بألاعلى المكان المرتفع
ولكن المقصود بالاعلى هو من وجهة نظر الخالق
لانه لا يوجد انسان يسعى للخير الحقيقى العام للبشرية الا اذا كان نبى
ولا اقصد بالنبى الانسان الصالح
ولكنى اقصد الانسان الذى يحركه الله
من خلال وحى
والوحى فى صورة ملك مرسل
ورغم وجود كثير من الناس الذين ادعوا انهم انبياء يرسل اليهم
الا ان الله لا يوفق الا النبى الصادق
فشروط الرسالة معروفة للبشر جميعا
وهى ان النبى الصادق لا ينال اى مميزات
وهو دائما يعادى العالم من اجل الحق
ولا يمتلك درهما ولا دينار
وايضا لا يورثه اهله
وبما ان كل انسان ناقص
فلن يقبل شروط الرسالة الا الانسان الصادق
ولذلك يظهر كل نبى كاذب فى اول جولة
والنبى انسان لا يتحرك الا بدليل
والدليل له الكمال المطلق لانه خالق البشر
ولذلك لا يمكن ان تفشل رسالة نبى على مر العصور
سيقول قائل ولكن هناك انبياء صادقين رسالتهم ليس لها ذكر الان
مثل نبى الله نوح او لوط او او
اين اتباعهم؟
وسوف نوضح الموضوع ونعود الى بدايته
وهى ان كل نبى صادق لا يسعى الى مصالح شخصية
ان النبى الصادق لا ينال اى مميزات
ولكنه مجرد مرشد يرشد الناس الى الطريقة التى نعبد بها الله
والانسان ليس فى حاجة لان يعلمه نبى اين الله
لان الانسان بطبيعته يعرف ان الله فوق السموات
وانه خارج هذا العالم المخلوق
ولكننا نريد النبى فقط لنعرف ماذا يريد منا الله ان نفعل
ونحن الان قد تجاوزنا الالفية الثانية
ومر منها ثمانية سنوات
ولن نصل الى فكرة محددة لله
فمنا من يعتقد ان الله ولدته امرأة من البشر
وعاش فترة من الزمن يعلم الناس الفضائل
ويأمرهم بعبادة الله وحده
ثم قتله البشر
لكى يغفر الخطايا
وبعد موته أمر الناس ان يعبدوه هو
ورغم ان الانسان العاقل لا يقبل قول احد الا وهو حى
ولكن خدع الشيطان كثير من الناس بهذه القصة السازجة
ورغم انها فكرة لا يقبلها العقل السليم
مهما قلت ثقافته
ولكن هناك من يؤمن بها
ومنا من يعتقد ان الله قيد الايمان بأرض يطلق عليها ارض الميعاد
وحدد عائلة اطلق عليها شعب الله المختار
وعلى هذا الشعب سفك الدماء والنهب والافساد فى الارض
حتى يصل الى هذه الارض المزعومة
ويوجد ايضا من يؤمن بهذه القصة ويعتبرها حق
ومنا من يؤمن ان الله متصور فى صورة بقرة
وعلينا ان نقدس الابقار
حتى ينعم علينا الله بالسعادة
ومنا من يؤمن بصنم
وكلما قدمت لهذا الصنم من قرابين يمنحك السعادة
ويوجد ايضا من يعتقد فى هذه الفكرة الساذجة
وايضا منا من يؤمن بقبور الصالحين
وان القبر الذى به جيفة انسان صالح ينفع او يضر
فيسافر لزيارة اسياده فى القبور ليسألهم الرضا والثواب
منا ايضا من يعتقد فى ذلك
ومنا من يعتقد انه لا اله
وان من نظم العالم هو الصدفة
وان الصدفة هى التى جعلت القلب يعمل بكل هذه الدقة
والكبد يعمل بكل هذا الاتقان
والدم يتحرك بنفس هذه الدرجة
فمنا ايضا من يعتقد فى ذلك
وكلما تنقلت فى كل بلد من خلال جوجل لتدخل فى معتقدات الانسان عن الخالق
وجدت ان البشر تعبد الشيطان ويطلقون عليه اسم الخلق
ولذلك عشش الشر فى كل مكان فى العالم
ولذلك يتجه العالم الى الزوال
ورغم ان العقل السليم يرفض كل هذه الافكار
ويعرف نتيجتها المحتومة
الا ان الانسان اصبح ينظر الى الخير المؤقت
الذى يضمن بقائه اليوم
وهذا الحطأ الفكرى لم يصيب المجتمعات فقط
بل اصاب الافراد ايضا
ولذلك انعدمت السعادة الفردية او كادت
كما انعدمت سعادة المجتمعات
الا فى بعض القلوب التى لا يذكرها احد
ولا يسعى احد للوصول اليها
لان جميع الناس تعتقد ان اصحاب هذه القلوب اشقياء
رغم انهم قد وصلوا الى السعادة المطلقة
وهم
{من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا
ليجزي الله الصادقين بصدقهم
ويعذب المنافقين
إن شاء أو يتوب عليهم
إن الله كان غفوراً رحيما}
.. الأحزاب الآيات 23 – 24.
وهذه الفئة من البشر هم اتباع الانبياء
وهؤلاء الرجال لا يسعون لتكوين دولة بالطبع كما يظن الجهال
ولكنهم يسعون لتكوين افراد
لان هذا هو الوحى الربانى
وقد يظن انسان انى اقصد بذلك ان الاسلام هو الطريق الصحيح على الاطلاق
ولكنى لا اقصد هذا
فأن الاسلام اصبح منقسم
الى اسلام وشبه اسلام
او الى اسلام ومتئسلمين
ولذلك اصبح الاسلام مقسم الى شيع وطوائف وجماعات
ورغم ان الله نهى عن هذا فى القران
{إن الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعا
لست منهم في شيء
إنما أمرهم إلى الله
ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون}
[سورة الأنعام الآية 159]
ولكن لماذا قام المسلمون بالتحزب والتشيع؟
والجواب
لانهم رفضوا دعوة الانبياء
وهى عدم البحث عن مصلحة شخصية
ولذلك لا يوجد جماعة اسلامية على الحق
لا توجد جماعة اسلامية واحدة تسعى الى الحق
بل الجماعات الاسلامية على كافة المذاهب والافكار كلها فاسدة
لماذا ؟
لان هناك هدف لتكتلها
وهو الوصول الى السعادة فى الدنيا
بأغراض وشعارات يطلقونها ولا يقصدونها
ولكنها سباق لصيد الجهال
اما الموحد الحقيقى
فهو يسعى الى تكوين نفسه
ليكون هو من الناجين
ليسير على نفس طريق الانبياء والصالحين
فى الاخرة وليس فى فى الدنيا
فيعطيه الله الدنيا والاخرة
وهذا الفرد تفكيرة الدائم فى ارضاء خالقه
ولو كان على حساب سعادته فى الدنيا
فيعمل من اجل الله
ويتزوج من اجل الله
وينجب من اجل الله
فيكون اسرة تعمل من اجل الله
ويصاحب من اجل الله
ويجاور من اجل الله
فيتكون البيت الاسلامى
والجار الاسلامى
والحى الاسلامى
والقرية الاسلامية
ووووو
ولكن ما تسعى اليه الجماعات هو الصورة الاخير
وهى المملكة الاسلامية او دولة الخلافة
وهذا لم يمنحه الله لنبى
فكيف يمنه لجماعة تسعى الى السعادة فى الدنيا
ولا تسعى لسعادة الاخرة
( اصدق الله يصدقك )
فقد صدق رسول الله مع الله
كما صدق جميع الرسل
ولذلك عندما كان رسول الله صادق مع نفسه ومع الله
صدقته زوجته وامن اصدقائة واصحابة
واقاربة الا القليل
وانتقل بعد عشرة سنوات
الى المدينة
ليؤمن اهلها
وتمت الفتوحات بعد وفاة الرسول
بعد قضاء عشرون عاما من الصدق مع الله حتى نهاية عمره
وهو يعلم ان دعوته على يد اصاحبة ستصل الى مشارق الارض ومغاربها
ولم يكون رسول الله ملك او امبراطور
ولم يمتلك رسول الله ارضا ولا مال
رغم انه كون اعظم امبراطورية على مر العصور
بمجهوده ومجهود ابائه نوحا وابراهيم
ويعقوب واسحاق وداود وسليمان
ويونس وايوب ولوط
وهود وصالح وادريس
وموسى وعيسى
وكان خاتما لهم فى اعظم مملكة على وجه الارض
وهى مملكة لم تبنى على الارض
فالارض اخذها الهالكون
وسعى اليها الهالكون
ولكن مملكتهم كانت فى قلب كل انسان
سار على طريق السلف الصالح
ولم يغير او يبدل
فان المسلم الحق
دائما من اسعد خلق الله فى كل وقت
لانه لا يهمه سعر كيلو اللحم بقدر ما يشغله وقت الصلاة
لانه لا يشغله عمله فى الدنيا بقدر ما يشغله مقامه فى الاخرة
فرسول الله رغم انه لم يمتلك شىء
ولم يورث شىء
ولكننا نقول انه كان اسعد خلق الله
لان السعادة ليست فيما تمتلك من مال
فانك اذا تابعت اخبار العالم
ستجد ان اكثر انسان نال عداء البشرية
هو محمد بن عبد الله
ولكنك لا تجد من يظن من اعدائه انه رجل بسيط اهوج او متخلف
بل انه يوضع فى اول المفكرين والعباقرة
بشهادة اعدائه وليس اصحابة
اما اصحابه فيقولون انه ليس عبقرى
ولكنه رجل تحرك بدليل
ولم يسعى لمكاسب مادية
ولذلك ربح الدنيا والاخرة
ولا يمكن ان يوجد عبقرى مهما اوتى من علم او عبقرية
ان يصل الى الانجازات التى انجزها
هذا الانسان الذى كان يرعى الاغنام فى صحراء مكة
فى عصر لم يكن فيه اى تكنولوجية عسكرية
بل كان يواجه الممالك والامبراطوريات والعتاد
بالكلمة
وهى
لا اله الا الله
والى الان يواجه المسلم الصادق
اقوى الامبراطوريات
التى تمتلك الذرى والنووى
والطائرت والصوريخ
وهو لا يمتلك الا السلاح الذى كان بقلب راعى الغنم محمد ابن عبد الله
صلى الله عليه وسلم
ورغم اتحاد العالم على هذا الموحد البسيط
الذى لا يسعى الى شىء سوى ارضاء الله
ولا يعرفه احد
الا انهم يتوجهون من فشل الى فشل اكبر
لانهم يظنون ان اعدائهم هم الجماعات
والجماعات امثالهم هم اعداء هذا المخلص
الذى جلس فى بيته يعبد الله
ويحدث الناس
ويقربهم لله
ويحذرهم من السعى لتكوين دولة يحكموها
لان الله لن يسألهم عن دولة
بل عن توحيدهم
سيسألهم عن انفسهم

بقلم الكاتب: الاشرف محمد احمد
بجريدة المستقبل

جزاك الله خيرا على هذا الجو الإيمانى الذى اقتضب سريعا
تمنيت لو طال الحديث فالحق جميل جدا لا يمل أبدا سامعه إو
قارئه لقد وضعت يدك على الحق وأشرت إليه ......فى إنتظار
المزيد من هذا الحديث التليد فأنا له تابع ومريد ومحب وسعيد
لأنه الحق لو علم العبيد

شكرا لك يا استاذنا المبجل
كلما اقتربت من من خلال موضوعاتك المتنوعة
كلما احسست انى تعرفت على كنز ثمين
بارك الله فيك ونفعنا بك
فانت من الجواهر التى تنهمر منها الكلمات
لتشكل ملحمة ادبية عالية
sunny

شكر متكرر وموصول
على موضوعك الرائع
بارك الله فيك دائما
Very Happy

موضوعاتك بحر يغرق فيه من لا يجيد السباحة
Razz